حافلة تابعة للصليب الأحمر تقل أسرى محررين من سجن عوفر إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة
فيما شهد قطاع غزة والضفة الغربية إتمام 4 دفعات من مراحل تبادل الأسرى، بين حركة «حماس» والحكومة الإسرائيلية، ظهرت كل أوجه التنكيل بحق الأسرى الفلسطينيين من قبل إدارة سجون الاحتلال، والذين تعرضوا لأقسى أنواع التعذيب. فكانت قبلتهم الأولى بعد تحريرهم المستشفيات لتلقي العلاج والفحوصات الطبية اللازمة.
ضرب وتعذيب حتى اللحظة الأخيرة
كشف رئيس «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» الفلسطينيين قدورة فارس، لموقع «الأخبار»، أن «الأسرى يخرجون من سجون الاحتلال منهكين، وبعضهم مصابٌ بكسور في الأضلاع، وأجساداً نحيلة، وقد عانوا خلال المدة الماضية من حرب انتقامية ما تزال مستمرة».
أحد الأسرى المحررين لحظة وصوله إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة (أ ف ب)
أحد الأسرى المحررين لحظة وصوله إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة (أ ف ب)
ووفقاً لفارس، فإن الأسرى المحررين يتعرضون للاعتداءات الوحشية حتى في طريقهم للتحرير، ويشير إلى أن «إسرائيل تتصرف من واقع خيبتها وإحساسها العميق بالفشل بمنطق انتقامي عنصري فاشي، وحياة الأسرى باتت مهددة بخطر كبير».
وأوضح، أنه «رغم الطرح لموضوع شروط حياة الأسرى مرتين في المفاوضات، إلا أن إسرائيل مستمرة في ممارسة الجرائم في حقهم، إذ إنّ الأسير يعاني على مدار 24 ساعة من الجوع والبرد والقلق الشديد نتيجة الاعتداءات التي يتعرض لها، وهذا مستمر منذ 16 شهراً».
ولفت فارس إلى أن الهيئة تستقبل الأسرى فور تحريرهم «بشغف وبفرح»، ويتم نقلهم إلى المستشفيات لإجراء فحوصات طبية أولية ومعالجة من يحتاج إلى معالجة، آملاً أن «يتحرر بقية الأسرى تباعاً، فإن مبدأ تحريرهم يثلج الصدور رغم أننا نعرف الثمن الكبير الذي دفعه الشعب الفلسطيني».
واعتبر أن «تحرير الأسرى رغم أنف الاحتلال فيه كثير من تعبيرات الإلهام، إذ إننا نفهم كشعب فلسطيني بأنه ما دام هناك إمكانية لإرغام الاحتلال على إطلاق سراح أسرى ما كان يريد تحريرهم، بل كان يريدهم أن يموتوا داخل السجون، هذا فيه دليل كبير على إمكانية تحرير أرضنا، وهذه عينة تثبت أن الشعب الفلسطيني في نهاية المطاف سيحقق تطلعاته بالحرية والاستقلال».
شهادات الأسرى: في تاريخ البشرية لم يمرّ مثل هذه الظروف
«لن يصدّق العالم ما عشناه في جحيم سجون الاحتلال»، بهذه الكلمات وبصوت منهك، وصف الأسير الفلسطيني المحرر رياض مرشود في حديث لموقع «الأخبار» معاناته في الأسِر، وقال إنّ شعور خروجه من السجن لا يمكن أن يوصَف بالكلمات.
سجن عوفر العسكري الواقع بين رام الله وبيتونيا في الضفة الغربية المحتلة (أ ف ب)
سجن عوفر العسكري الواقع بين رام الله وبيتونيا في الضفة الغربية المحتلة (أ ف ب)
وحول التعذيب طوال مدة الاعتقال، أضاف مرشود، أننا «اليوم لو نُحدّث كريم يونس، أقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال إذ قضى فيها 40 عاماً، عن الظروف والحالة في سجون الاحتلال ما بعد 7 أكتوبر، لن يصدق... لن يصدق أحدٌ ما عشناه، في تاريخ البشرية لم يمرّ مثل هذه الظروف القاسية والصعبة»، مشدداً على أن «الشعب الفلسطيني يستحق هذه التضحيات والسنوات الطويلة التي قضيناها داخل السجون».
وفي هذا السياق، يؤكد الأسير المحرر سعيد هرماس، أن «قوات الاحتلال أصرّت على تعذيبنا وإهانتنا حتى اللحظة الأخيرة بعد تحريرنا، وبعد الحرب أدخلونا في ما يشبه القوقعة، الحياة فيها مُميتة».
أحد الأسرى المحررين لحظة وصوله إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة (أ ف ب)
أحد الأسرى المحررين لحظة وصوله إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة (أ ف ب)
من جهته، يقول الأسير المحرر عبد العزيز مساد (20 عاماً)، «لم أتوقع الإفراج عني، فأنا موقوف، وبالعادة يتم الإفراج عن أصحاب الأحكام. شعور التحرير لا يوصف والمقاومة أوفت بما وعدت به، ولكن حزني على من هم خلفي من الأسرى وخصوصاً أخي، الآن كل أسير يتوقع أن يكون اسمه ضمن الدفعة المقبلة».
معظم الأسرى يعاني من داء الجرب
بدوره أكّد مدير «نادي الأسير الفلسطيني» أمين شومان لموقع «الأخبار» أن الأسرى في سجون الاحتلال يتعرضون لأقسى أنواع التعذيب والحرمان من أبسط حقوقهم، إذ يعمد العدو إلى التنكيل بهم طوال مدة سجنهم.
وكشف شومان أن عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تمّ الإفراج عنهم في الدفعات الأربع الماضية بلغ 583 أسيراً وأسيرة، من بينهم أطفال ومن ذوي المؤبدات، والأحكام العالية الذين قضوا أكثر من 30 عاماً في سجون الاحتلال. وأشار إلى أن «عدد المعتقلين الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية بلغ أكثر من 12 ألف فلسطيني تم اعتقال معظمهم من الضفة الغربية، بالإضافة إلى وجود أكثر من 3660 أسيراً من مختلف محافظات قطاع غزة».
وحول أوضاع الأسرى المحررين، أوضح شومان، أن «حالتهم صعبة جداً وكارثية صحياً، حيث فقدوا من أوزانهم أكثر من 30 كغ بسبب حملات التوجيع التي مارستها مصلحة إدارة السجون الإسرائيلية بحق الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني»، مؤكداً أن «حالتهم أوجبت ضرورة إدخالهم إلى المستشفيات بسبب إصابة معظمهم بداء «الجرب»، بفعل الازدحام الشديد في السجون حيث أن الغرفة التي تتسع لـ 10 أسرى، يوجد فيها 20 أسيراً، مع منع إدخال وسائل التنظيف سواء أكانت الشخصية أم للغرف».
أسير فلسطيني يعاني من الجرب بعد يومٍ من تحريره (أ ف ب)
أسير فلسطيني يعاني من الجرب بعد يومٍ من تحريره (أ ف ب)
وفي ما يتعلق باستقبال الأسرى الذين أفرجت عنهم حكومة العدو، يؤكد شومان، أن قوات الاحتلال تقمع حرية الشعب الفلسطيني في استقبالهم وإظهار علامات الفرح، وتم اقتحام منازل الأسرى وأماكن التجمع المخصصة لاستقبالهم.
ويشير مدير «نادي الأسير الفلسطيني» إلى أن العدو «يصنّف مئات الأسرى الفلسطينيين تحت حالات الإخفاء القسري داخل السجون. وقد صنّفت إسرائيل 1650 أسيراً منهم تحت اسم مقاتلين غير شرعيين وتتعامل معهم خارج كل الأعراف والمواثيق الدولية».
وفي الإطار نفسه، كانت حركة «حماس» قد أعلنت، أن «الشهادات المروّعة» للأسرى المحرَّرين وتأكيد تعرّضهم للتنكيل والضرب قبل أيام من موعد الإفراج وحتى الساعة الأخيرة من إطلاق سراحهم، وما يلقاه الأسرى في سجون الاحتلال من صنوف التعذيب «تشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان».
ولفتت الحركة، في بيان، إلى أنّ ما نقله الإعلام العبري عن تأكيد موظفي اللجنة الدولية لـ «الصليب الأحمر» بشأن «المعاملة غير الإنسانية» التي يواجهها الأسرى المُفرَج عنهم على يد جنود الاحتلال ومصلحة السجون الصهيونية، «يستدعي من المنظمة الدولية تكثيف جهودها في متابعة أوضاع الأسرى الفلسطينيين، ونقل تقاريرها إلى الجهات الدولية المعنية، والعمل على ضمان احترام حقوقهم وفقاً للقانون الدولي الإنساني»